الثلاثاء، 24 مايو 2016

تنبيه الأكياس على شبهة راجت على كثير من الناس

مع الأسف لا يزال الكثير من الناس يظن أن المنهج السلفي هو فكرٌ بَشَرِيٌّ مثله مثل الفكر الإخواني أو التبليغي أو الحدادي أو غيرها، فيظنون أن الخلاف بين السلفية وبين الأفكار الأخرى البدعية إنما هو من باب اختلاف الآراء والأفكار الذي لا ينبغي أن يُفسد للود قضية!
قبحا له مِن ظنٍّ، وأفٍّ لها من قناعة!
المنهج السلفي هو الإسلام الصحيح الخالص عن الشوب، الخالي من البدع، لم يخترعه أحد من العلماء من عنده، لا ابن تيمية ولا ابن القيم ولا ابن عبد الوهاب وتلامذته ولا الألباني وأقرانه ولا غيرهم من العلماء، وإنما هو ما كان عليه النبي الكريم -صلوات الله وسلامه عليه!- وأصحابه الكرام -رضوان الله عليهم أجمعين!-.
فالسلفيون لا منهج لديهم إلا هذا، فبه يدينون، وإياه يعتقدوه، وعنه يَصْدُرون، وبه يتمسكون، وعنه لا يحيدون، وعليه يوالون ويُعادون، ومِن كل ما خالفه يُحَذّرون.
هذه هي حقيقة المنهج السلفي(1).
لا كما يُصَوِّرُها شياطين الإنس من أعداء هذا المنهج -افتراء وكذبا وزورا- على أنها فكرٌ بشري قابل للنقد ومحتمل للصواب والخطأ. كبرت كلمة تخرج من أفواههم!
وهؤلاء الشياطين إنما يفعلون ذلك حتى يتوصلوا إلى الطعن فيه وانتقاده هو وأهله؛ لأنهم إن طعنوا فيه رأسًا من دون أن يُقنعوا الناس بذلك؛ فسينقلب الناس عليهم؛ لأنه لا يوجد مسلم يقبل الطعن في الإسلام، فلذا سعى ويسعى أولئك الشياطين بكل ما يقدرون إلى إقناع الناس بأن السلفية فكرٌ بشريٌّ حادثٌ وليست هي دين الإسلام الذي جاء به محمد –صلى الله عليه وسلم!- وكان عليه الصدر الأول من هذه الأمة.
وهذه الحيلة الدنيئة تعلّموها من اليهود وأحفادهم.. ومع الأسف نجحوا في أن يقنعوا بهذا الكلامِ كثيرا من الجهال وضعفاءِ الدينِ وقاصري النظر. ولكن هيهات أن يطفئوا نور التوحيد والسنة، فهذا أمرٌ دونه خرط القتاد، فلا تزال طائفة من أمة محمد –صلى الله عليه وسلم!- على الحق منصورة، لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة.
فأبشروا يا هؤلاء بأن سعيَكم في خسار، وكيدَكم في تَبَاب، فاللهُ مُعلٍ كلمتَه، وناصرٌ دينه، بعزّ عزيز وذل ذليل.
إن الخلاف بين أهل السنة وبين أهل البدع -من الإخوانيين، والتبليغيين، والخوارج بأنواعهم، والمتصوفة على اختلاف طرائقهم، والتمييعيين، والحدادية، وغيرهم- إنما هو خلافٌ في أصول من المنهج السلفي، وليس من الخلاف السائغ الموجود في عصر الصحابة وسائر العصور، أو الخلاف الدنيوي في الأراء المتعلقة بأمور الدنيا البحتة.
فأهلُ السنة والجماعة حينما يحاربون ما عند أولئك من البدع فإنما هم في الحقيقة يدافعون عن الإسلام الصافي، وليس عن آراء فلان وفلان من البشر، وأيضا هم لم يأتوا بهذا من عندهم؛ إذ هم في ذلك أيضا متأسون بسلفهم الصالح(2)، وكذلك لا يبغضون أهل البدع بسبب نوازع شخصية، أو حميّةٍ عرقية، وإنما يبغضونهم لأنهم خالفوا السنة وأدخلوا وابتدعوا في دين الإسلام ما ليس منه.
فتأمل -رعاك الله!- هذا الكلام، حتى لا تختلط عليك الأمور فتجعلَ مِن الباطلِ نِدًّا وخصما للحق!
وهنا ننبه على أمرٍ لا يقل أهمية عما سبق، يجب أن تكون مِنه على ذُكْرٍ، وهو أن العصمة إنما هي في المنهج السلفي لا في آحادِ المنتسبين إليه، وعليه فإذا أخطأ أو أساءَ آحادُ المنتسبين إليه فلا يجوز أن تُنسَبَ أخطاؤهم وإساءتهم على المنهج السلفي، وإنما مَن أساءَ فعلى نفسه(3). ومن المسلَّمات عند العقلاء فضلا عن العلماء أنه ليس هناك إنسان معصوم إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم!-، فليس من الغريب إذَن أن يخطئ آحادُ المنتسبين إلى هذا المنهج.
فبهذا تعرف ضلال مَن يتتبعون عثرات فلان أو فلان ويضربون بها المنهج السلفي.
ويا ليت الناس يُقبلون على العلم، ويأخذوه من منابعه النقية؛ ليحصنوا أنفسهم به ضد الأفكار الفاسدة المفسدة، فإنها داء عضال، يتجارى بالمرء كما يتجارى الكَلَبُ بصاحبه، فيهوي به في ظلمات الباطل.
نسأل الله أن يحفظنا وإياكم!

كتبه
علي المالكي



__________________________
(1) وقد بيَّنها الحَبْرُ الجليلُ والإمام العظيم ابنُ تيمية -رحمه الله!- بعبارةٍ ما أجملها، وبيانٍ ما أحسنه، فقال في العقيدة الواسطية:
«ثُمَّ مِنْ طَرِيقَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ اتِّبَاعُ آثَارِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَاطِنًا وَظَاهِرًا، وَاتِّبَاعُ سَبِيلِ السَّابِقِينَ الأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، وَاتِّبَاعُ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، حَيثُ قَالَ: (عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيْينَ مِنْ بَعْدِي، تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ) . وَيَعْلَمُونَ أَنَّ أَصْدَقَ الْكَلامِ كَلامُ اللهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَيُؤْثِرُونَ كَلاَمَ اللهِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ كَلامِ أَصْنَافِ النَّاسِ، وَيُقَدِّمُونَ هَدْيَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم عَلَى هَدْيِ كُلِّ أَحَدٍ، وَلِهَذَا سُمُّوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَسُمُّوا أَهْلَ الْجَمَاعَةِ لأَنَّ الْجَمَاعَةَ هِيَ الاِجْتِمَاعُ، وَضِدُّهَا الْفُرْقَةُ، وَإِنْ كَانَ لَفْظُ الْجَمَاعَةِ قَدْ صَارَ اسْمًا لِنَفْسِ الْقَوْمِ الْمُجْتَمِعِينَ. وَالإِجِمَاعُ هُوَ الأَصْلُ الثَّالِثُ الَّذِي يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي الْعِلْمِ وَالدينِ. وَهُمْ يَزِنُونَ بِهَذِه الأُصُولِ الثَّلاثَةِ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ النَّاسُ مِنْ أَقْوَالٍ وَأَعْمَالٍ بَاطِنَةٍ أَوْ ظَاهِرَةٍ مِمَّا لَهُ تَعَلُّقٌ بِالدِّينِ. وَالإِجْمَاعُ الَّذِي يَنْضَبِطُ هُوَ مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ الصَّالِحُ؛ إِذْ بَعْدَهُمْ كَثُرَ الاخْتِلاَفُ، وَانْتَشَرَ فِي الأُمَّةِ.
ثُمَّ هُم مَّعَ هّذِهِ الأُصُولِ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَونَ عَنِ الْمُنْكَرِ عَلَى مَا تُوجِبُهُ الشَّرِيعَةُ: وَيَرَوْنَ إِقَامَةَ الْحَجِّ وَالْجِهَادِ وَالْجُمَعِ وَالأَعْيَادِ مَعَ الأُمَرَاءِ أَبْرَارًا كَانُوا أَوْ فُجَّارًا، وَيُحَافِظُونَ عَلَى الْجَمَاعَاتِ. وَيَدِينُونَ بِالنَّصِيحَةِ للأُمَّةِ، وَيَعْتَقِدُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: (الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ الْمَرْصُوصِ؛ يَشُدُّ بَعْضَهُ بَعْضًا)، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ؛ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بُالْحُمَّى وَالسَّهَرِ). وَيَأْمُرُونَ بِالصَّبْرِ عِنْدَ الْبَلاءِ، وَالشُّكْرِ عِنْدَ الرَّخَاءِ وَالرِّضَا بِمُرِّ الْقَضَاءِ. وَيَدْعُونَ إِلَى مَكَارِمِ الأَخْلاقِ، وَمَحَاسِنِ الأَعْمَالِ، وَيَعْتَقِدُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: (أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا). وَيَنْدُبُونَ إِلَى أَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ، وَتُعْطِيَ مَنْ حَرَمَكَ، وَتَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ. وَيَأْمُرُونَ بِبِرِّ الْوَالِدَيْنِ، وَصِلَةِ الأَرْحَامِ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ، وَالإِحْسِانِ إلَى الْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ، وَالرِّفْقِ بِالْمَمْلُوكِ. وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْفَخْرِ، وَالْخُيَلاءِ، وَالْبَغْيِ، وَالاسْتِطَالَةِ عَلَى الْخَلْقِ -بِحَقٍّ أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ-، وَيَأْمُرُونَ بِمَعَالِي الأَخْلاَقِ، َوَيَنْهَوْنَ عَنْ سِفْسَافِهَا.
وَكُلُّ مَا يَقُولُونَهُ وَيَفْعَلُونَهُ مِنْ هَذَا وَغَيْرِهِ فَإِنَّمَا هُمْ فِيهِ مُتَّبِعُونَ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَطَرِيقَتُهُمْ هِيَ دِينُ الإسْلاَمِ الَّذِي بَعَثَ اللهُ بِهِ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم. لَكِنْ لَمَّا أَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ أُمَّتُهُ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُّهَا فِي النَّار إلاَّ وَاحِدَةً -وَهِيَ الْجَمَاعَةُ. وَفِي حَدِيثٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: (هُمْ مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَومَ وَأَصْحَابِي)-؛ صَارَ الْمُتَمَسِّكُونَ بِالإسْلامِ الْمَحْضِ الْخَالِصِ عَنِ الشَّوْبِ هُمُ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ.
وَفِيهِمُ الصِّدِّيقُونَ، وَالشُّهَدَاءِ، وَالصَّالِحُونَ، وَمِنْهُمُ أَعْلامُ الْهُدَى، وَمَصَابِيحُ الدُّجَى، أُولو الْمَنَاقِبِ الْمَأْثُورَةِ، وَالْفَضَائِلِ الْمَذْكُورَةِ، وَفِيهِمُ الأَبْدَالُ، وَفِيهِمُ أَئِمَّةُ الدِّينِ، الَّذِينَ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى هِدَايَتِهِمْ وَدِرَايَتِهِمْ، وَهُمُ الطَّائِفَةُ الْمَنْصُورَةُ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمُ النَّبِيُّ صلىالله عليه وسلم : (لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ مَنْصُورَةً، لاَ يَضُرُّهُم مَّنْ خَالَفَهُمْ، وَلاَ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ)». اهـ
(2) راجع إن شئت كتاب: (إجماع العلماء على الهجر والتحذير من أهل الأهواء)، ففيه ما يشفي العليل ويروي الغليل من النقول عن السلف في هذا الباب.

(3) وأعنى بذلك الأخطاء التي هي في أخطاء حقيقةً، لا ما يدّعيه المبتدعة من أنها أخطاء وهي ليست بأخطاء، بل هي الحق الذي ما به خفاء، وذلك مثل تحريم الخروج على ولي الأمر المسلم –ولو كان فاسقا ظالما-، ومثل التحذير من البدع وأهلها، فإن هذا هو الحق وإن رغمت أنوفهم، وليقولوا عنا ما شاءوا، فهم كالذباب؛ ليس منه خوف ولا خطر.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.