الثلاثاء، 18 أكتوبر 2016

كيفية الإشمام في {سيء} و{سيئت} في رواية قالون من طريق الشاطبية

قال الداني في «جامع البيان»: «وحقيقة الإشمام في هذه الحروف: أن تنحى بكسر أوائلها نحو الضمة يسيرا؛ دلالةً على الضم الخالص قبل أن تُعَلَّ» اهـ.
وقال السخاوي: «وحقيقة هذا الإشمام: أن تنحو بكسرة فاء الفعل نحو الضمة، فتمالُ كسرةُ فاءِ الفعل، وتميل الياء الساكنة بعدها نحو الواو قليلا؛ إذ هي تابعة لحركة ما قبلها. 
والعلماء يعبرون عن هذا بالإشمام، والروم، والضم، والإمالة.
وإنما اختار من هذه الألفاظ الإشمام لأنها عبارة عامة النحويين وجماعة من القراء المتأخرين، وفي العبارة بها تنبيه على أن أول الفعل لا يُكسر كسرة خالصة. 
والذين سموه رومًا قالوا: هو روم في الحقيقة، وتسميته بالإشمام تَجَوُّزٌ في العبارة.
والذين سموه ضما -وهم عامة القراء- فإنما عبروا عنه بذلك كما عبروا عن الإمالة بالكسر تقريبا ومجازا، لأن الممال فيه كسر، وهذا فيه شيء من الضم.
والذين عبروا عنه بالإمالة فلأنه قد دخله من الخلط والشوب ما دخَل الإمالة، فالحركة ليست بضمة محضة ولا كسرة خالصة، كما أن الإمالة ليست بكسر محض ولا فتحٍ خالص» اهـ ملفقا من موضعين من شرحه.
وقال أبو شامة في (إبراز المعاني): «والمراد بالإشمام في هذه الأفعال أن ينحى بكسر أوائلها نحو الضمة وبالياء بعدها نحو الواو، فهي حركة مركبة من حركتين كسر وضم، لأن هذه الأوائل وإن كانت مكسورة فأصلها أن تكون مضمومة؛ لأنها أفعال ما لم يسم فاعله؛ فأشمت الضم دلالة على أنه أصل ما يستحقه، وهو لغة للعرب فاشية، وأبقوا شيئا من الكسر تنبيها على ما استحقته هذه الأفعال من الاعتلال» اهـ.
وقال أبو محمد المالقي: «اعلم أن حقيقة هذا الإشمام أن تضم شفتيك حال النطق بكسرة القاف من {قيل} والغين من {غيض} والجيم من {جائ}، فيخرج صوت الكسرة مشوبا بشيء من لفظ الضمة من غير أن ينتهي إلى الضم الخالص، ويصحب الياء التي بعد هذه الكسرة شيء من صوت الواو من غير أن ينته إلى الواو الخالصة، بل لا بد من أن يكون الغالب في النطق لفظ الكسرة ولفظ الياء» اهـ. 
فما ذُكر في كلام هؤلاء العلماء هي الكيفية المختارة في أداء هذا الإشمام.
وأما الكيفية الشائعة بين كثير من القراء في زماننا (وهي أن تجعل فاءَ الفعل محركةً بحركتين متتاليتين، أولاهما ضمة، والثانية كسرة، ويكون زَمَنُ جزءِ الضمّةِ أقلَّ مِن زَمَنِ جزءِ الكسرةِ، ثم تُتبِعُ هذه الكسرة بياء مدية محضة، وهذه الياء هي عين الفعل، وسببُ تمحُّضِها أن الذي سبقها هو جزء الكسرة) هذه الكيفية هي مذهبٌ لبعض القراء، ولكن الكيفية التي يُفسَّرُ بها كلامُ الشاطبي هي ما نص عليها السخاوي والداني؛ لأن السخاوي تلميذ الشاطبي، وهو مِن أدرى الناس بمراده بكلامه، ولأن الدانيَّ صاحبُ طريقِه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.