الاثنين، 26 أكتوبر 2015

تحفة الأطفال بتحقيقي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الرحمنِ الرحيم, المنّانِ الكريم, والصلاة والسلام على نبيِّه الأمين, المبعوث رحمة للعالمين, محمدٍ خاتمِ النبيين, وعلى آله وأصحابه أجمعين, والتابعين وأتباعِ التابعين, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذه منظومة: «تُحْـفَـة الْأَطْـفَـالِ»([1]) للشيخِ المقرئِ سليمان بن حسين بن محمد الجَمْزُوري الشهيرِ بـ(الأفندي)([2]) (كان حيًّا سنة 1227هـ)([3]).
وهي أرجوزةٌ تتألف مِن واحدٍ وستين بيتًا, وضعَها ناظمُها للناشئة الذين يريدون أن يتعلموا التجويدَ؛ بحيثُ تكونُ دراستُها خطوةً أُولى لَهُمْ في طريقِ تعلُّمِ هذا العلم الشريف, وقد ضمَّنَها بعضَ الأحكامِ الكثيرةِ الورودِ التي رأى أنها تُناسب مستواهم العلمي؛ كأحكام النون الساكنة والتنوين, وأحكام المدود, وغيرِ ذلك مما سيمر بنا في المنظومة.
وقد لقيَتْ هذه المنظومةُ عنايةً مِن عددٍ مِن علماء ومعلِّمِي التجويد؛ روايةً وشرحًا وتلقينًا للطلاب, كما لقيَت عنايةً مِن طُلّاب التجويد؛ حفظًا ودراسةً, فلا تكاد تجد أحدًا منهم إلا ويحفظها ويَستشهِد بها, بل إنها في وقتنا هي أكثرُ المنظوماتِ شُهْرةً بعد «المقدمة الجزرية».
وقد اعتنيتُ بتحقيقِ نَصِّ هذه المنظومة, وضبطِها بالشكل, ووضعِ علامات الترقيم؛ وذلك لغرضِ إصدارِها مطبوعةً ضمن كتابٍ بمقاسِ جَيْبٍ يَحْوي أهمَّ منظوماتِ علمِ التجويد محقَّقَةً ومضبوطةً بالشكل؛ مساهمةً مني في نشرِ العلم وخدمةِ طلبة العلم؛ حيثُ إني لَم أجِد في المكتباتِ التي زُرْتُها كتابًا بهذا المقاس يجمعُ هذه المتون بالصفاتِ المذكورةِ.
وقد اعتمدتُ في التحقيق على بعض النُّسخِ المخطوطة والمطبوعةِ, وهذا وصْفُها:
أولًا- النسخ الخطية:
1- نسخةٌ مِن شَرْحِ الناظِم المسمى: «فتح الأقفال بشرح تحفة الأطفال» كُتِبَتْ سنة 1287هـ, وهي محفوظة بالمكتبة الأزهرية (برقم 1374 قراءات), وهي كاملة, وتقع في إحدى عشرة ورقة, عدد سطور كلِّ ورقة واحد وعشرون سطرًا, وكتبت بخط النسخ، مع تمييز العناوين والمتن باللون الأحمر, واسم ناسخها: أحمد بن محمد عبد الْمُتَعال([4]).
2- نسخةٌ من الشرح كُتِبَتْ سنة 1295هـ, وهي محفوظة بالمكتبة الأزهرية (برقم 42931), وهي كاملة, وتقع في عشرة أوراق, عدد سطور كلِّ ورقة ثلاثة وعشرون سطرًا, وكتبت بخط النسخ، مع تمييز العناوين والمتن باللون الأحمر, واسم ناسخها: حسن بن عبد الله البنّا.
3- نسخةٌ من الشرح كُتِبَتْ في القرن الثالث عشر –تقديرًا-, وهي موجودة على موقع جامعة الملك (برقم 2050), وهي كاملة, وتقع في ثماني عشرة أوراق, عدد سطور كلِّ ورقة خمسة عشر سطرًا, وكتبت بخط النسخ، وليس عليها اسمُ ناسِخِها, ومكتوبة على طُرّتها تَمَلُّكات.
ثانيًا- النسخ المطبوعة:
1- النسخة المطبوعةُ بتحقيق محمد بن فلاح المطيري, وذلك ضمن كتابِهِ: «الإحكام في ضبط المقدمة الجزرية وتحفة الأطفال» (ط1). وهذه النسخة هي أفضل وأجوَد النسخ المطبوعة التي وقفتُ عليها. وقد ذكَرَ في كتابِه (ص26-41) مصادرَه ومنهجَه في التحقيقِ.
2- النسخة المطبوعة ضمن كتاب: «الفريد في إجازات وأسانيد بعض متون وكتب التجويد» (ط1) لحسن بن مصطفى الوَرّاقي. وقد اعتمد في ضبطِها وتصحيحِها على ما رواه عن مشايخِه, واستعان ببعض النسخ الخطية([5]).
3- النسخة المطبوعة بعناية أشرف بن عبد المقصود بن عبد الرحيم, وقد صدَّرَ بها تحقيقَه لكتاب: «منحة ذي الجلال في شرح تحفة الأطفال» لشيخِ القرّاء والمقارئ المصرية في زمانه: علي بن محمد الضبّاع. ولكنه لم يذكر الأصول التي اعتمد عليها في تحقيقه للمتن, بل حتى الشارح لم يذكُر ذلك في الأصل المطبوع, فربما كان اعتمادُ الشارح في ذلك على الرواية فقط أو على بعضِ النُّسخ ولكنه لم يذكرها, والله أعلم.
كما اعتمدت –أيضًا- على التلقي عن الشيوخ؛ حيث قرأتُه على محمد الشريف بن إدريس بن عبد القادر حَويل, وهو قرأه على إبراهيم بن محمد بن يوسف كُشَيْدان, وهو على إلياس بن أحمد حسين بن سليمان الأركاني البَرْمَاوي, وهو على عدد من الشيوخ بأسانيد مختلفة, هذه بعضُها: 
قرأه على حسن بن سعيد الإسكندري, وهو على إبراهيم بن عطوة بن عوض, وهو على عليّ بن محمد الضبّاع, وهو على عبد الرحمن بن حسين الخطيب الشعّار, وهو على محمد بن أحمد المتولي بسنده إلى الناظم([6]).
(ح) وقرأه البرماوي على عبد السلام حُبوس, وهو على أحمد بن عبد العزيز الزيّات, وهو على عبد الفتاح هُنَيْدي, وهو على المتولي.
(ح) ويرويه عبدالسلام حُبُوس عن محمد ياسين بن محمد عيسى الفاداني المكّي, وهو عن أبي النصر محمد سليم بن خلف الحمصي الشافعي, وهو عن أبي الحسن عبد الفتاح بن مصطفى المحمودي اللاذقي, وهو عن أبي الوفا نصر بن نصر الوفائي الهوريني, وهو عن الناظم([7]).
(ح) ويرويه الفاداني عن بدر الدين بن يوسف الحَسَني, وهو عن إبراهيم بن علي بن حسن السقَّا, وهو عن الهوريني.
(ح) وأرويه عن حسن بن مصطفى بن أحمد الوراقي –قراءةً لِغَيْرِي عليه وأنا أسمع-, وهو يرويه –قراءة لكامله- عن عبد الفتاح بن مَدْكُور بن بيومي, وهو عن علي الضبّاع.
(ح) ويرويه الوراقي –قراءة لكامله- مِن طُرُقٍ عن حسن بن بيّومي الكَرّاك, وهو يرويه عن محمد سابق الإسكندري, وهو عن خليل بن عامر الْمُطوبسي, وهو عن علي الحلو السمنودي, وهو عن سليمان الشهْداوي, هو عن عليٍّ الميهي -شيخِ الناظم-([8]).
هذه بعضُ الأسانيد التي أدت إليّ هذا النظم عن ناظمه –رحمه الله-, وقد أوردتُها لك –أخي القارئ- كما وجدتُها في الأجازات مُبيِّنًا ما وقفتُ عليه مِن كلامٍ حولها, ومن أسند لك فقد أحالك.

منهجي في التحقيق:
1- قابلتُ بدقَّةٍ بين الأصول السابقةِ وبين ما تلقيتُه روايةً.
2- ضبطتُ نصَّ المنظومة كلَّه بالشكل, مع إضافة علامات الترقيم. 
3- اعتمدتُ عند الاختلافِ ما ظهر لي أنه أرجح؛ إمّا لنصِّ الناظم عليه في شرحه, وإما لحكايةِ الميهيِّ إياه عن الناظم, وإما لاتفاق أكثر الأصول عليه, وإما لغير ذلك.
وإذا تساوى وجهان في القوة أعتمِدُ الأشهرَ مِنهما أو الأنسب للوزن أو للسياق أو غير ذلك.
4- لم أقصد استيعاب كل الخلافات, وإنما ذكرتُ منها ما ظهر لي أنه يستحق الذكر؛ لئلا أُثقل الحواشي. ومن أراد الوقوف على بقية الخلافات فليرجع إلى تحقيق المطيري.
5- لم أتناول شيئًا من المنظومة بالشرح أو التعليق؛ وذلك لأن القصد هو تحقيق النَص فقط.
6- علَّقتُ على قول الناظم: «ذي الكمالِ».

أسأل الله الكريم أن يجعل عملي خالصًا لوجهه الكريم, وأن ينفع به, وأن يكتب لي أجره؛ إنه سميع قريب مجيب.
وإنني أرجو مِن كلِّ أخٍ ناصحٍ يجدُ خطأً أو قصورًا أو كان عنده اقتراح أو إضافة – أن لا يبخل عليّ بالنصح والتوجيه –مشكورًا-.

الروابط
رابط صفحة التنزيل:
https://goo.gl/745hH6
رابط التنزيل المباشر:
https://goo.gl/2eeFCA                        


______________________________
([1]) قال ضيف الله الشمراني: «اسم هذا النظم: «تحفة الأطفال»، هكذا سمّاه ناظمه في المتن والشرح
ولكن جاء في مقدّمة الشيخ علي الضبّاع تسمية النظم بـ«التحفة الجمزورية في تجويد كلام رب البرية», ويظهر لي أن الشيخ لم يقصد عَنْوَنَةَ النظمِ بهذا؛ فإنه قال بعد ذلك: «وسميتُها: «مِنْحَة ذي الجَلال في شرح تُحفة الأطفال»».
وفي «معجم المؤلِّفين» (4/ 257): «من تصانيفه: «تحفة الأطفال في تجويد القرآن»».
واشتهر اسم هذه المنظومة عند بعض طلاب العلم بـ«تُحفة الأطفال والغِلْمان في تجويد القرآن»، واختار هذه التسمية الأستاذ محمد فلاح المطيري في كتابه: «الإحكام في ضبط المقدمة الجزرية وتحفة الأطفال»، والدكتور أشرف طلعت في تحقيقه للمتن وشرحِه له، وغيرُهما، ولم يذكروا مستندا لهذا الاختيار.
والصحيح ما اختاره الناظم؛ فيكون اسم النظم: «تحفة الأطفال».» اهـ كلامُه بتصرف واختصار يسيرَيْن.
([2]) انظر مقدمة «فتح الأقفال بشرح تحفة الأطفال» للناظم.
([3]) لم أقف على مَن ذَكَرَ تاريخ وفاته, وأكثرُ تاريخٍ يُمكنني القولُ بأنه كان حيًّا فيه هو ما ذكرتُه في الأعلى, وهو تاريخ زيارة نَصْرٍ الهوريني لطنطا وأخذِه عنه (انظر تحقيق المطيري ص51).
([4]) وهي أقدمُ نسخةٍ وقفتُ عليها –إن لم تكن النسخة الثالثة أقدم منها؛ لأنها لا يُعرَف تاريخُ كتابتها تحديدًا-. 
([5]) ولكنه لم يصِفْ هذه النسخ, إلا أني أظن أنها هي عَيْنُها النسخُ التي اعتمدتُ عليها؛ وذلك لأني حصلتُ على النسخ التي اعتمدتُ عليها مِن أحدِ طلابِه المقرَّبين الذي يساعدُه في صَفِّ كُتُبِه وفي توفير المصادر التي لا يجدُها مطبوعةً.
([6]) لم نَقِفْ على رجالِ إسناد المتولي لا في الإجازات ولا في كتب المتولي وطلابِه؛ ولذا لا ندري هل هو صحيحٌ أم لا, ولا ندري ما سببُ عدمِ ذِكْرِه في تلك المصادر, يحتمل أنهم كانوا في زمن المتولي يهتمون بجانب الدراية أكثر من جانب الرواية؛ ولذا لم يكن لهم اهتمام بالأسانيد؛ مما أدّى إلى صيرورة سند المتولي إلى الناظم نسيًا منسيًّا, ويحتمل –أيضًا- أن المتولي نفسَه نسيَه ولذا لم يَذْكره لطلابه, وربما يُحتمل غيرُ ذلك, والله أعلم بحقيقة الأمر.
واعلَمْ أن أكثر قرّاءِ زماننا الذين يروون هذا المتن تنتهي أسانيدهم إلى المتولي, وبخاصة قراء الديار المصرية؛ وذلك لأن المتولي كان شيخ قراء مصر في زمانه, ولأنه هو الذي نشر هذا المتن بعد أن كان غيرَ مشهور في وقتٍ ما قبْلَ زمنِه –كما ذَكَرَ الورّاقيُّ-.
([7]) وهذا السندُ والذي بعده غيرُ متصليْن بالقراءة أو السماع في بعضِ طبقاتِهما؛ ولكنهما متصلان بالإجازة –كما قرر ذلك بعضُ الباحثين-. 
وأيضًا؛ الهورينيُّ أخبر في كتابه «المطالع النصرية» (ص140) أنه حضر عند الناظم حين كان يدرّس هذا النظم, ولكن لا نعلم هل تلقاه عن كاملًا أم بعضَه فقط.
([8]) وهذا مِن رواية الأكابر عن الأصاغر. 
وهذا السند مع كونِه أقل شهرة مِن الأول إلا أن عددًا مِن قراء زماننا يَرْوُون المتنَ مِن طريقه؛ كتلاميذ الشيخ حسن الشاعر, وتلاميذ الشيخ عبد العزيز كُحيل.
وقد تكلم بعضُهم في هذا المتن قائلين: إن الميهي لم يتلقَّ النظمَ عن الناظم, ومَن أثبت التلقّي تعلل بأن الميهي هو الذي أمَرَه بنظمِه فلا بد أنه عرضها على شيخه فسمعها عليه, وهذا لم يثبت. هكذا قالوا. بينما الضبّاع أثبت هذا التلقي في حاشيته على النظم (ص51), ولو طبّقنا قواعد علم الرواية لرجَّحْنا قولَ الضبّاع؛ وذلك لأن قول المثبِت مقدَّم على قول النافي, ولكن هل الضبّاع حين أثبتَ هذا التلقي بنى قولَه على التعليل المذكور أو غيرِه؟ أم أنه ثبت عنده التلقي قراءةً أو سماعًا. هذا –أيضًا- سؤالٌ يحتاج إلى جواب. فالله أعلم بمن قولُه الصواب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.