الثلاثاء، 24 أكتوبر 2017

الرد على من ابتدع مذهبا جديدا في كيفية أداءِ الإشمامِ في {سيء} وبابه

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على خاتم النبيين وسيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فقد بَلَغَنِي أنَّ أحدَ معلمي القرآن من الجنوب الليبي يقول: (إن ضم الشفتين عند أداء الإشمام في (سيء) و(سيئت) يبدأ من أول النطق بغنة الإخفاء التي قبل السين)!
وحكى هذا المذهبَ عن أحدِ المعلمين المشهورين بمدينة طرابلس.
وهذا المذهب باطلٌ بلا شك، سواء من الناحية العقلية أم من الناحية النقلية.
أما من الناحية العقلية؛ فقولهم هذا يعني النطق بإخفاء مُشَمٍّ، وهذا أمر لا وجود له في التجويد.
وحتى لو تَنَزَّلْنَا معهم في ذلك فهل كل كلمة من كلمات هذا الباب مسبوقة بتنوين مُخفى؟
الجواب: لا. ويكفينا في هذا مثال واحد يتضح به المقام وتقوم به عليهم الحجة..
في قوله تعالى: {وغيض الماء} الفعل (غيض) مسبوق بواو مفتوحة، فإذا قرأ هؤلاء بقراءة الكسائي أو رواية هشام أو رواية رويس فكيف سيفعلون؟ من أين سيأتون بتنوين مخفى؟ ونحن نعلم أن كلمات هذا الباب مجراها واحد.
وأما من الناحية النقلية (وهي الأهم)؛ فالمعروف عند علماء هذا الفن أن في كلمات هذا الباب مذهبين: الشيوع والإفراز.
أما الشيوع فأن تنحو بكسرةِ فاءِ الفعلِ نحو الضمة قليلا، وتميل الياء الساكنة بعدها نحو الواو قليلا؛ لأنها تابعة لحركة ما قبلها.
وأما الإفراز فأن تجعل فاءَ الفعل محركةً بحركتين متتاليتين، أُولاهما ضمة، والثانية كسرة، ويكون زَمَنُ جزءِ الضمّةِ أقلَّ مِن زَمَنِ جزءِ الكسرةِ، ثم تُتبِعُ هذه الكسرة بياء مدية محضة، وهذه الياء هي عين الفعل، وسببُ تمحُّضِها أن الذي سبقها هو جزء الكسرة.
والمذهب الأول هو اختيار الداني والشاطبي وكثير من العلماء
قال الداني في «جامع البيان»: «وحقيقة الإشمام في هذه الحروف: أن تنحى بكسر أوائلها نحو الضمة يسيرا؛ دلالةً على الضم الخالص قبل أن تُعَلَّ» اهـ.
قال الشاطبي:
وقِيلَ وغِيضَ ثمّ جيء يُشِمُّها
 لدى كسـرِها ضـمّا رجـالٌ لِتَكْمُـلا
وحِيلَ بإشمامٍ وسيقَ كما رَسَا
 وسيء وسيئت كان راويه أَنْبَلا
قال السخاوي: «وحقيقة هذا الإشمام: أن تنحو بكسرة فاء الفعل نحو الضمة، فتمالُ كسرةُ فاءِ الفعل، وتميل الياء الساكنة بعدها نحو الواو قليلا؛ إذ هي تابعة لحركة ما قبلها. 
والعلماء يعبرون عن هذا بالإشمام، والروم، والضم، والإمالة.
وإنما اختار من هذه الألفاظ الإشمام لأنها عبارة عامة النحويين وجماعة من القراء المتأخرين، وفي العبارة بها تنبيه على أن أول الفعل لا يُكسر كسرة خالصة. 
والذين سموه رومًا قالوا: هو روم في الحقيقة، وتسميته بالإشمام تَجَوُّزٌ في العبارة.
والذين سموه ضما -وهم عامة القراء- فإنما عبروا عنه بذلك كما عبروا عن الإمالة بالكسر تقريبا ومجازا، لأن الممال فيه كسر، وهذا فيه شيء من الضم.
والذين عبروا عنه بالإمالة فلأنه قد دخله من الخلط والشوب ما دخَل الإمالة، فالحركة ليست بضمة محضة ولا كسرة خالصة، كما أن الإمالة ليست بكسر محض ولا فتحٍ خالص» اهـ ملفقا من موضعين من شرحه.
وقال أبو شامة في (إبراز المعاني): «والمراد بالإشمام في هذه الأفعال أن ينحى بكسر أوائلها نحو الضمة وبالياء بعدها نحو الواو، فهي حركة مركبة من حركتين كسر وضم، لأن هذه الأوائل وإن كانت مكسورة فأصلها أن تكون مضمومة؛ لأنها أفعال ما لم يسم فاعله؛ فأشمت الضم دلالة على أنه أصل ما يستحقه، وهو لغة للعرب فاشية، وأبقوا شيئا من الكسر تنبيها على ما استحقته هذه الأفعال من الاعتلال» اهـ.
وقال أبو محمد المالقي في شرحه على (التيسير): «اعلم أن حقيقة هذا الإشمام أن تضم شفتيك حال النطق بكسرة القاف من {قيل} والغين من {غيض} والجيم من {جائ}، فيخرج صوت الكسرة مشوبا بشيء من لفظ الضمة من غير أن ينتهي إلى الضم الخالص، ويصحب الياء التي بعد هذه الكسرة شيء من صوت الواو من غير أن ينته إلى الواو الخالصة، بل لا بد من أن يكون الغالب في النطق لفظ الكسرة ولفظ الياء» اهـ. 
إلى غير ذلك من النقول.
وهذه الكيفية هي التي يُحمل عليها كلامُ الشاطبي؛ إذ هي التي يدل عليها ظاهرُ كلامِه، إضافة إلى أن السخاوي تلميذ الشاطبي نصَّ عليها، وهو أدرى بمذهب شيخه وبمراده بكلامه، وكذا أبو شامة تلميذ السخاوي أدرى بمذهب شيخ شيخه وبكلامه من غيره ممن لم يحظَ بهذه المنزلة، إضافة إلى أنها مُختارُ الداني نَصًّا في (التيسير) الذي هو أصل (الشاطبية).
وأما المذهب الثاني فقد قال به كثير من القراء من المتقدمين والمتأخرين، منهم الجعبري والنويري وابن البناء والضباع وغيرهم، وهو المذهب المشهور في عدد من البلدان في زماننا، إلا أنه ليس هو المختار من طريق (الشاطبية) -على الصحيح-، وإن قال به كثير من شراحها؛ لأن الأدلة تدل على خلافِ ما قالوا -كما سبق-.
فبهذا كله يتبين لنا أن ما ذكره أولئك الناس لا حظ له من نقلٍ ولا عقل.
فأدعوهم (وفقنا الله وإياهم!) إلى الرجوع إلى الصواب وعدم الابتداع في القراءة، فإن هذا العلم مبناه على الاتباع لا على الابتداع، وشعارُ القراء: (القراءة سنة يأخذها الآخر عن الأول).
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
والحمد لله رب العالمين.

كتبه
علي المالكي

الاثنين، 16 أكتوبر 2017

دروسي على يوتيوب

https://www.youtube.com/channel/UCTj3gbJoC0sar5No7Chf_xw
الدروس:
شرح الجزرية
شرح أصول رواية قالون
شرح أصول رواية حفص
شرح تحفة الأطفال

حوار مع أصحاب التحريرات

https://www.facebook.com/ajurry.quran.academy/videos/701706073361297/

قواعد الكتابة في (أدب الكاتب) لابن قتيبة

قواعد الكتابة في (أدب الكاتب) لابن قتيبة
دراسة وصفية تحليلية موازنة
بحث لاستكمال متطلبات الحصول على درجة الليسانس في اللغة العربية
إعداد الطالب: علي أمير علي مسعود المالكي
إشراف: د. محمد حامد خالد نوح
العام الدراسي 1438هـ - 2017م
أجيز البحث بدرجة 97 / 100
رابط صفحة التنزيل:
https://goo.gl/CU765F

الأحد، 2 يوليو 2017

تلاوات بصوتي من صلاة التراويح سنة 1438هـ

مجموعة تلاوات بصوتي من صلاة التراويح هذا العام (19 مقطعا)
رابط صفحة التحميل:
https://archive.org/details/ali_almalikey_libya_hotmail_5
وأعتذر عن رداءة التسجيل وعما قد تجدونه من هفوات، فلا يخفاكم ظروف صلاة التراويح..

الأربعاء، 15 مارس 2017

قراءة للعقيدة الواسطية وَفْقَ نسخة دغش العجمي [بصوتي]

شبكة الإمام الآجري العلمية تقدم

قراءةٌ صوتيةٌ لـكتاب
العقيدة الواسطية
لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني (ت728هـ)
رحمه الله تعالى!

القراءة الصوتية
أبو عبد الرحمن علي المالكي

مدة التسجيل: 42:42 دقيقة
الحجم: 24:44 MB


النسخة المعتمدة في القراءة
نسخة الدكتور دغش بن شبيب العجمي
وهي إحدى أصح النسخ المطبوعة، وقد حققت على تسع نسخ خطية، إحداها مقروءة على المؤلف



الجمعة، 24 فبراير 2017

يقولولك: نحنا مالكيّة، ومانبوش أفكار مستوردة.
حسسوني ان الإمام مالك ليبي المولد والحياة والوفاة هههههه
ماهو الإمام مالك من المدينة النبوية ياجَهَلة
والا عندكم مالك واحد اخر محلّي؟!
الدين مافيهش عصبية ولا جهوية
الحق والعلم يؤخذ من أي مكان
والا عليش الأئمة كانوا يسافروا شرقا وغربا عشان يطلبوا العلم؟!
كان هذا راهم قعدوا في بلادهم واكتفوا بالعلم اللي عند علماء بلادهم!
معناها البلاد اللي مفيهاش علماء شن يديروا على قانون الجهلة هذول؟ يكتفوا باللي عندهم من الجهلة اللي كيفهم؟!
ونبي نسألهم الحالات هذول ونتمنى يجاوبوني.. الافكار والعادات والتقاليد اللي تجيبوا فيها من الشرق والغرب (الديمقراطية واللبرالية و و و ) هذي محلية ماهيش مستوردة؟؟
وحتى مع ثقولهم انهم مالكية تلقاهم يخالفوا في الامام مالك في كثير من مسائل العقيدة والمنهج وكثير من الأحكام (زي اللحية وتقصير الثوب ووضع اليد على الصدر في الصلاة و و و)؟!
حاجة غريبة الناس هذول!! كي ما يبو ارواحهم!!

دعاة التحرر..

أفغير دين الله يبغون؟!
ما لهم كيف يحكمون؟!
أفلا يعقلون؟! أفلا يدركون بم يتكلمون؟! أفلا يعرفونَ خطورةَ ما به يتفوَّهون؟!
يالله العجب!
- ينكرون على المرأة الحجاب والستر، ويرون أنه تخلُّفٌ وتشدُّدٌ، وتقييد لحرية المرأة، ويَدْعُون إلى التبرج والسفور!
- ينكرون إعفاء اللحية، ويزعمون أنه تخلُّف، وأنه من القشور!
- ينكرون إيجاب المحرم على المرأة في السفر، ويرون أنه تزمُّتٌ وأمرٌ لا حاجة له!
- يتضجرون من منع كتب العلمانيين واللبراليين والملاحدة والتغريبيين وغيرها من الكتب التي تضر بعقائد المسلمين وعباداتهم وأخلاقهم، ويرون أن هذا تقييد لحرية الفكر!
- يتضجرون من التحذير من البدع وأهلها، ويرون أنه تَحَجُّرٌ وجُمُودٌ، وتفريق لوحدة الكلمة!
- يتضجرون من الدعوة إلى السمع والطاعة في المعروف لولاة الأمور المسلمين، وتحريم الخروج عليهم، ويرون أن هذا خُنُوعٌ وهَوَانٌ وذِلَّةٌ ورضوخٌ للظَّلَمَةِ، ويدعون إلى الخروج عليهم بالكلمة والمظاهرات والسلاح!
- يتضجرون من تحريم المعازف، ويرون أن في ذلك قسوةٌ للقلوب ووأْدٌ للمواهب!
وكل هذه الأمور أدلَّتُها من الشرع معلومةٌ وثابتة، ومنافعُها ظاهرة لكل صاحبِ بصيرةٍ نافذة، ومضرةُ مخالفتِها مشاهَدَةٌ لكل من لم يُطبع على قلبِه ويُغطى على بصره!
ومع ذلك نرى من يجادل في هذه الأمور، ويَنْعَقُ بمخالفتها في أوساط الناس وفي وسائل الإعلام!
يا هؤلاء، إنما كان قول المسلمين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا، لا أن يجادلوا ويعارضوا ويأبَوْا!
لا أدري؛ بأي عقلٍ يفكّرون؟! وبأي لغة يفهمون؟! صدق الله العليم الحكيم القائل: ومن لم يجعل الله له نورًا فما له من نور. 
نعوذ بالله من عمى القلوب والأبصار، ومن شر الأشرار، وكيد الفجار، والدعاةِ إلى النار!

كتبه
علي المالكي

الثلاثاء، 21 فبراير 2017

التحفة المالكية في تلخيص أصول رواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية


مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمدَ لله، نحمَده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومَن يُضْلِلْ فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه.
أما بعد: فإن الدارسَ لعلمٍ من العلوم التي تَكْثُر فيها التقاسيم والتفريعات ـ كعلم القراءات مثلاً ـ قد يَجِدُ نفسَه محتاجًا إلى وجودِ مُخْتَصَرٍ يَحْوي مَسَائِلَهُ بعبارةٍ موجَزةٍ على هيئةِ رؤوسِ أقلامٍ؛ ليستعينَ به على استيعاب هذه المسائل وما فيها من تقاسيم وتفريعات.
وإننا إذا نظرنا إلى الأساليب التي تُستخدَم في كتابةِ المختصَرات في أمثالِ تلك العلوم - نَجِدُ أن مِن أقواها وأفضلِها وأنفعِها: التقسيمات المشجَّرة، والجداول البيانية. 
إلا أننا ـ مع الأسف! ـ قلَّما نجد مختصَراتٍ في علم القراءات يُستخدَم فيها هذان الأسلوبان؛ بالرغم من أن الحاجة إليها ملِحَّةٌ؛ لا سيَّما في هذا الوقت الذي ضَعُفَتْ فيه الهمم، وكثُرَت فيه الصوارف والشواغل عن طلب العلوم الشرعية، فتَرى الكثيرَ من الناس إذا صَعُبَ على أحدِهم علمٌ؛ تَرَكَه، ولم يجاهد نفسَه على المضيّ قُدُمًا في دراسته! وهذا الأمر كان أحدَ الدوافع لي على عملِ ملخصاتٍ لأصول بعض الروايات باستخدام هذين الأسلوبين؛ مساهمةً مني ـ مع بُعْدِ الشُّقَّةِ، وقِلَّةِ الزاد ـ في تقريبِ هذا العلم الشريف للناس وترغيبِهم في الإقبال عليه.
وقد جعلتُ هذه الملخصات ضمن سلسلةٍ سميتُها: (سلسلة ملخصات أصول القراءات)، وابتدأتُها برواية قالون عن نافع؛ حيث إنها الرواية الأكثر انتشارًا في بلادنا ليبيا ـ حَرَسَها اللهُ وبلادَ المسلمين ـ ؛ فاختصرتُ أصولَها في كتاب: (قرة العيون بتلخيص أصول رواية قالون)، وقد لقي قبولاً عند كثير من طلاب القرآن ـ والحمد لله ـ، وهاأنا ـ بفضل الله، وتوفيقه ـ أُخرِجُ الجزءَ الثانيَ من السلسلة، وقد جعلتُه خاصًا برواية حفص عن عاصم؛ إذْ إنها الرواية الأكثر انتشارًا في العالم الإسلامي، وسميتُ هذا الجزء:

التحفة المالكية 
في تلخيص أصول رواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية

أسأل الله الكريمَ الوهَّابَ المنَّانَ سميعَ الدعاءِ وأن ينفع بهذا العمل، وأن يتقبله مني قبولاً حسنًا، وأن يجعله ذخرًا لي يوم ألقاه، وأن يوفقني لإخراج بقية أجزاء السلسلة..
ولا يفوتُني تسجيلُ شكري لكل من أعانني على إخراج هذا الكتاب، أسأل الله الكريمَ الشَّكُورَ أن يُجزِل لهم الأجرَ والمثوبةَ، وأن يوفقهم لكل خير، وأن ينفع بهم الإسلام والمسلمين!
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين!

=========================
رابط صفحة التحميل على أرشيف:
https://goo.gl/HWtLF1
رابط التحميل المباشر:
https://goo.gl/aOpSB0

الثلاثاء، 7 فبراير 2017

شرح كتاب: (قرة العيون بتلخيص أصول رواية قالون) - نسخة مؤقتة

ربما تحتوي الصورة على: ‏‏نص‏‏
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمدَ لله، نحمَده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومَن يُضْلِلْ فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه.
أما بعد:
فهذا شرح لكتابي: «قُرّة العيون بتلخيص أصول رواية قالون»، يوضح معانيَه، ويُقَرِّبُ مقاصدَه، ويفصِّلُ مسائلَه، ويبيِّن مُجمَلَه، ويَذْكُرُ دلائلَه، وفيه تنبيهات، وإجاباتٌ عن مُشْكلات، وردودٌ على المبالغين في التحريرات.
وهذا الشرح في الأصل دروسٌ صوتيةٌ ألقيتُها على إذاعة معهد الإمام الآجري لتحفيظ وإقراء القرآن الكريم، ثم أشار علي بعض الأفاضل نشرَ الشرحِ مكتوبًا مع الشرح الصوتي؛ حتى يكون أنفع مما لو كان مسموعًا فقط، فقمت بمراجعة التفريغات، وعدّلتُ فيها ما يلزم من التعديلات، وأعدتُ صياغةَ عدد من العبارات، وزدتُ عليها كثيرا من الفوائد والزيادات.
هذا، وقد جعلت الكتاب على ثلاثة أقسام:
القسم الأول- مقدمات مهمة ممهِّدة للدخول في موضوع الكتاب.
والقسم الثاني- شرح أبواب الأصول.
والقسم الثالث- تتمة تتضمن ذِكرَ مسائلَ هامةٍ لقالون لا بد للقارئ من معرفتها.
وقد حرصتُ قدر الإمكان على سهولة الأسلوب، ووضوحِ العبارة ودقَّتِها، وشرح المعاني التي فيها غموض، كما اعتنيتُ بذكر الشواهد من «الشاطبية» كلما تيسر لي، وسِرْتُ في التحريرات على النهجِ ذاتِه الذي انتهجتُه في الأصل؛ وهو اعتمادُ ما اختارَه وقرَّرَه الإمامُ الشاطبيُّ، وعدمُ التحكُّمِ عليه أو إلزامِه بما لا يَلْزَمُه، إلا فيما اتفق عليه علماء القراءات، وَذلك -إن شاء الله- وَفقَ قواعد ثابتة، ومنهج محدد. وقد تَحْصُلُ مني حَيْدَةٌ عن هذا النهج خطأً أو غفلةً، كما حصل في مواضع يسيرة في الأصل، تنبهتُ لها بعد مزيد من البحث والنظر في هذا الموضوع، وتداركتُها هنا ونبهتُ عليها والحمد لله.
وأنبه هنا على ثلاثة أمور:
الأول- أنّي اقتبستُ أكثرَ مادةِ هذا الشرح من مصنفاتِ علماء القراءة وعلماء العربية، ومما أفدتُه من شيوخ هذا العلم الذين أخذتُ عنهم، وليس لي فيها إلا الجمع، والتأليف، والترتيب، والتلخيص، والتقريب؛ إذ إن المقصد الأساسي من تأليفي هذا الكتاب هو تقريب وتذليل هذا العلم لطلابه.
الثاني- عندما أطلق العزو للداني فمعنى ذلك أن الكلام من «التيسير»، وعندما أطلق العزو لشراح «الشاطبية» فمعنى ذلك أن الكلام مِن شروحهم لها، وعندما أطلق العزو لابن الجزري فمعنى ذلك أن الكلام من «النشر».
الثالث- أنني لم يتيسر لي هذه المرة كذلك الحصولُ على مصحفٍ إلكتروني كُتِب على ما يوافق روايةَ قالون لأنْسَخَ الكلمات القرآنية منه، فصنعتُ كما في الأصل، بل إنني في هذه المرة لم يتيسر لي كتابة كثير من الكلمات بخط المصحف أصلا؛ لضيق الوقت عن ذلك، وكثرة الكلمات الواردة في الشرح.
وفي ختام هذه المقدمة أسجل شكري وتقديري لكل من أعانني على إتمام هذا الكتاب، كما أسجل شكري الجزيل للأخ المفضال لقمان بن أبي القاسم الانصاري (المدير العام لشبكة الإمام الآجري) الذي يبذل الكثير من ماله ووقته وجهده في خدمة معهدنا. أسأل الله الكريم أن يجزي الجميعَ خير الجزاء، وأن يجعل هذا العمل في موازين حسناتهم!
وإني أرجو مِن كلِّ ناصحٍ يجدُ خطأً أو قصورًا؛ ألَّا يبخل عليّ بالنصح والتوجيه، وله مني الشكر والتقدير، كما أرجو منه أن يلتمس لي العذر في ذلك، فلقد كنت حريصًا على الوصول إلى الصواب، وبذلتُ الكثير من الوقت والجهد لإخراج هذا الكتاب.
وأنبه على أن هذه النسخة مؤقتة وليست هي المعتمدة، وأما النسخة المعتمدة فسأنشرها بعد الحصول على التقديم والتقييم للكتاب من بعض المشايخ الذين أرسلتُه إليهم لمراجعته.
أسأل الله الكريم أن ينفع بهذا العمل، وأن يرزقه القبول، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم، وأن يغفر لي ما صدر من خطإٍ، وأن يختم لي بالحسنى! إنه سميع مجيب.

أبو عبد الرحمن
علي بن أمير المالكي

=====================

رابط صفحة التحميل
https://goo.gl/Y59L2Z
رابط مباشر
https://goo.gl/ZgKzmw

السبت، 7 يناير 2017

تعدد الزوجات

بالفعل نجح إعداء الإسلام في تشويه صورة تعدُّد الزوجات، وصار في نظر كثير من الرعاع والطغام والمخدوعين جريمةً في حق المرأة والمجتمع؛ فقلّ عدد المسلمين، وانتشرت الفاحشة، وازدادت العنوسة، وخربت كثير من البيوت بسبب ما يقع من الطلاق الذي سببه إقدام الرجل على التعدد!
اقرأ هذا الكلام الرصين المتين الذي لا يُنكره إلا قلبٌ ملوَّثٌ مريض
قال العلامة الشنقيطي في (أضواء البيان) (ج3 ص22-24|):
ومِن هَدْيِ القرآن للتي هي أقوم: إباحته تعدد الزوجات إلى أربع، وأن الرجل إذا خاف عدم العدل بينهن لزمه الاقتصار على واحدة أو ملك يمينه، كما قال تعالى: {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم}، ولا شك أن الطريق التي هي أقوم الطرق وأعدلها هي إباحة تعدد الزوجات؛ لأمور محسوسة يعرفها كل العقلاء.
منها: أن المرأة الواحدة تحيض، وتمرض، وتنفس، إلى غير ذلك من العوائق المانعة من قيامها بأخص لوازم الزوجية، والرجل مستعد للتسبب في زيادة الأمة، فلو حُبِس عليها في أحوال أعذارها لعطلت منافعه باطلا في غير ذنب.
ومنها: أن الله أجرى العادة بأن الرجال أقل عددا من النساء في أقطار الدنيا، وأكثر تعرضا لأسباب الموت منهن في جميع ميادين الحياة، فلو قصر الرجل على واحدة، لبقي عدد ضخم من النساء محروما من الزواج؛ فيضطرون إلى ركوب الفاحشة، فالعدول عن هدي القرآن في هذه المسألة من أعظم أسباب ضياع الأخلاق، والانحطاط إلى درجة البهائم في عدم الصيانة والمحافظة على الشرف والمروءة والأخلاق، فسبحان الحكيم الخبير، {كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير}.
ومنها: أن الإناث كلهن مستعدات للزواج، وكثير من الرجال لا قدرة لهم على القيام بلوازم الزواج لفقرهم، فالمستعدون للزواج من الرجال أقل من المستعدات له من النساء؛ لأن المرأة لا عائق لها، والرجل يعوقه الفقر وعدم القدرة على لوازم النكاح، فلو قصر الواحد على الواحدة، لضاع كثير من المستعدات للزواج أيضا بعدم وجود أزواج؛ فيكون ذلك سببا لضياع الفضيلة وتفشي الرذيلة، والانحطاط الخلقي، وضياع القيم الإنسانية، كما هو واضح، فإن خاف الرجل ألا يعدل بينهن وجب عليه الاقتصار على واحدة، أو ملك يمينه؛ لأن الله يقول: {إن الله يأمر بالعدل والإحسان}.. الآية، والميل بالتفضيل في الحقوق الشرعية بينهن لا يجوز، لقوله تعالى: {فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة}، أما الميل الطبيعي بمحبة بعضهن أكثر من بعض فهو غير مستطاعٍ دفعُه للبشر؛ لأنه انفعال وتأثر نفساني لا فعل، وهو المراد بقوله: {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء} الآية، كما أوضحناه في غير هذا الموضع.
وما يزعمه بعض الملاحدة من أعداء دين الإسلام من أن تعدد الزوجات يلزمه الخصام والشغب الدائم المفضي إلى نكد الحياة، لأنه كلما أرضى إحدى الضرتين سخطت الأخرى، فهو بين سخطتين دائما، وأن هذا ليس من الحكمة؛ فهو كلام ساقط، يظهر سقوطه لكل عاقل؛ لأن الخصام والمشاغبة بين أفراد أهل البيت لا انفكاك عنه ألبتة، فيقع بين الرجل وأمه، وبينه وبين أبيه، وبينه وبين أولاده، وبينه وبين زوجته الواحدة. فهو أمر عادي ليس له كبير شأن، وهو في جنب المصالح العظيمة التي ذكرنا في تعدد الزوجات (من صيانة النساء، وتيسير التزويج لجميعهن، وكثرة عدد الأمة لتقوم بعددها الكثير في وجه أعداء الإسلام) كَلَا شيء؛ لأن المصلحة العظمى يقدم جلبها على دفع المفسدة الصغرى.
فلو فرضنا أن المشاغبة المزعومة في تعدد الزوجات مفسدة، أو أن إيلام قلب الزوجة الأولى بالضرة مفسدة، لقدمت عليها تلك المصالح الراجحة التي ذكرنا، كما هو معروف في الأصول. قال في مراقي السعود عاطفا على ما تلفي فيه المفسدة المرجوحة في جنب المصلحة الراجحة: 
أو رجح الإصلاح كالأسارى ... تفدى بما ينفع للنصارى
وانظر تدلي دوالي العنب ... في كل مشرق وكل مغرب
ففداء الأسارى مصلحة راجحة، ودفع فدائهم النافع للعدو مفسدة مرجوحة، فتقدم عليها المصلحة الراجحة، أما إذا تساوت المصلحة والمفسدة، أو كانت المفسدة أرجح كفداء الأسارى بسلاح يتمكن بسببه العدو من قتل قدر الأسارى أو أكثر من المسلمين - فإن المصلحة تلغى؛ لكونها غير راجحة، كما قال في المراقي:
اخرم مناسبا بمفسد لزم ... للحكم وهو غير مرجوح علم
وكذلك العنب تعصر منه الخمر وهي أم الخبائث، إلا أن مصلحة وجود العنب والزبيب والانتفاع بهما في أقطار الدنيا مصلحة راجحة على مفسدة عصر الخمر منها ألغيت لها تلك المفسدة المرجوحة، واجتماع الرجال والنساء في البلد الواحد قد يكون سببا لحصول الزنى، إلا أن التعاون بين المجتمع من ذكور وإناث مصلحة أرجح من تلك المفسدة، ولذا لم يقل أحد من العلماء إنه يجب عزل النساء في محل مستقل عن الرجال، وأن يجعل عليهن حصن قوي لا يمكن الوصول إليهن معه، وتجعل المفاتيح بيد أمين معروف بالتقى والديانة، كما هو مقرر في الأصول.
فالقرآن أباح تعدد الزوجات لمصلحة المرأة في عدم حرمانها من الزواج، ولمصلحة الرجل بعدم تعطل منافعه في حال قيام العذر بالمرأة الواحدة، ولمصلحة الأمة ليكثر عددها فيمكنها مقاومة عدوها لتكون كلمة الله هي العليا، فهو تشريع حكيم خبير لا يطعن فيه إلا من أعمى الله بصيرته بظلمات الكفر. وتحديد الزوجات بأربع تحديد من حكيم خبير، وهو أمر وسط بين القلة المفضية إلى تعطل بعض منافع الرجل، وبين الكثرة التي هي مظنة عدم القدرة على القيام بلوازم الزوجية للجميع، والعلم عند الله تعالى. انتهى كلامه رحمه الله. ولله دره من عالِمٍ نحرير!
ذات مرة وأنا في الطائرة متوجه إلى مصر؛ كان أمامي رجل وزوجُه وأمه وابنتُه، وكانت ابنته دون السبع سنين، وطيلة انتظارنا تحَرُّكِ الطائرة كانت فرحة بأنها ستسافر إلى مصر، فعندما صعدت الطائرة قليلا نظرَت الطفلة من النافذة فرأت مدينة بعيدة؛ فقالت لوالدها: (هنوووووك مصر ياباتي قريب نوصلولها)! 
فقلت: سبحانه الله! إذَن الجهل المركّب الذي عند كثير من الناس موجود معهم منذ الصِّغَر!
سبحان الله! حال العرب مع لغتهم غريب!
لو أن أحدا استعمل في كلامه معهم كلمات إنجليزية أو فرنسية ينظرون إليه نظر إعجاب.. ولو أن أحدا استعمل كلمات عربية فصيحة نُظِر إليه باستهزاء واستغراب! 
رأيتُ بعيني طفلا يتكلم الإنجليزية وكم كان إغجابهم به.. بينما رأيتُ طفلا آخر أصغر منه ويتكلم العربية الفصحى بطلاقة عجيبة؛ ومع ذلك لم يجد منهم غير السخرية والضحك!
وإذا سألَني أحد عن دراستي الجامعية فقلت له: (في قسم اللغة العربية) تجد منهم من يبادر فيسألك: (إيش تبي فيها اللغة العربية؟ النحو هذا مش عارف كيف عندكم له جو؟)!!
بينما لو قلتَ له: (أنا أدرس اللغة الإنجليزية) لرأيتَ منهم التشجيع والإعجاب!!
من مثل هذا يذوبُ القلبُ مِنْ كَمَدٍ، عندما يرى حال الناس مع لغتهم التي هي من أهم مقوّمات الرفعة والعزة.. إلا من رحم ربك وقليلٌ ما هًم.
إنا لله وإنا إليه راجعون
من الواجب عند دعوة الناس إلى السنّة والتديُّن -وخصوصا في بلادنا- أن نعلّمهم أن (ملتزم) أو(سلفي) لا تساوي (مفتي) أو (عالِم)، ونغرس فيهم هذا الأمر؛ حتى لا يحصل معهم ما حصل مع كثير من الناس ممن نشؤوا عوامًّا ثم بعد التزامهم بأسبوع أو شهر أو نحو ذلك صاروا يتصدرون مجالس العوام فيتصدَّوْن للفتيا ويتكلمون في أمورٍ أكبر من رؤوسهم!
هذه المرحلة خطيرة، وقد تؤدي ببعض الناس إلى التعالُم والتعاظُم فيصعُب علاجُه، فلا بد أن يُربّى الناس -من أوّل دعوتهم إلى السنة- إلى عدم التجرؤ على الفتيا، وعدم الكلام فيما لا يحسن، وعدم الخوض في دين الله بغير علم، وعدم التصدر للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا بعد معرفة ما يتعلق بهما من أحكام، وأن يلزم حدوده ولا يتشبع بما لم يُعطَ.
اللهم ارزقنا الهداية في الدين والدنيا، واجعلنا ممن يعرف قدره فلا يتعداه، وأعذنا من القول عليك بلا علم.

طلاب مواقع التواصل!

قديما قليل: (من كان شيخه كتابه كان خطؤه أكثر من صوابه)
معلوم أن هذه العبارة ليست على أطلاقها، وأن في الأمر تفصيلا
ولكن إذا كان هذا حال من شيخُه كتابُه
فما بالك بحال من كان شيخه فيس بوك أو واتساب أو تويتر!
في هذا الكمّ الكبير من النصوص المحرّفة، والمصحّفة، بل والمبتورة، والمنزوعة عن سياقاتها، والمكذوبة المختلَقة! تُرى كيف سيكون حالُ مِثْلِ هذا؟!
نسأل الله السلامة!