ضوابط إقراء القرآن الكريم عبر المقارئ الإلكترونية
أقرَّ المجلس العلمي بالهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم ضوابطَ إقراءِ القرآن عبر المقارئ الإلكترونية على شبكة الإنترنت، وذلك في اجتماعه المنعقد في جدة بتاريخ 12/ربيع الآخر/1432هـ الموافق 17/مارس/2011م، وقد صدر عن المجلس نص البيان التالي حول الإقراء الإلكتروني :
مقدمة :
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين؛ نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فنعلم جميعاً أننا نعيش في مجتمع عالمي سريع التغير تحيطه تحديات محلية وعالمية، من أهمها التطور التقني، والانفتاح على العالم من خلال شبكات الحاسبات والإنترنت، وهذا بِدَوْرِه يتطلب منا وضعَ الخططِ والضوابطِ لتوظيف هذه التِّقنيات المعاصرة في خدمة تعليم القرآن الكريم وتعلُّمه، واستحداثَ الطرقِ والوسائلِ التي تَمـُدُّنا بآفاق واسعة ومتقدمة تساعد طلابنا على إثراء معلوماتهم وتنمية مهاراتهم، وتقويمَ نتائج التعلُّم على نَحوٍ فعَّالٍ.
والتعليم الإلكتروني: هو طريقة للتعليم باستخدام آليات الاتصال الحديثة من حاسب وشبكاته ووسائطه المتعددة من صوت وصورة، ورسومات، وآليات بحث، ومكتبات إلكترونية، وكذلك بوابات الإنترنت سواءً كان عن بُعد أو في الفصل الدراسي.
وباختصار هو : استخدام التقنية بجميع أنواعها في إيصال المعلومة للمتعلم بأقصر وقت وأقل جهد وأكبر فائدة.
ومن مجالات التعليم الإلكتروني الموجودة على شبكة الإنترنت ما يسمى بـ(الإقراء الإلكتروني).
مفهوم الإقراء الإلكتروني وأهميته
هو عملية تعليم القرآن الكريم عبر وسيط إلكتروني (تقنيات الاتصال بشبكة الإنترنت أو ما يقوم مقامها)، وتشمل عمليةُ التعليمِ تصحيحَ التلاوة، وشرحَ الأحكام التجويدية، ودراسةَ المنظومات في علم التجويد والقراءات -كالجزرية والشاطبية وغيرهما-. ويُعَدُّ الإقراء الإلكتروني من التقنيات الحديثة والمفيدة في تعليم القرآن الكريم بصورة صحيحة لفئات كثيرة من المسلمين قد يصعب الوصول إليهم لتعليمهم –مثل: الدول الأوربية، والأمريكيتين-، ولا يوجد في بلادهم أساتذة مؤهَّلون يقومون بالتعليم القرآني، وإن وجد الأساتذة فعددهم لا يكفي؛ وذلك لدخول كثير من الناس في الإسلام. والإقراء الإلكتروني يتيح فرصة تعلُّم القرآن الكريم وحِفْظِه وتجويده لكثير من الناس الذين لا يستطيعون الالتحاق بالحلقات القرآنية في المساجد ودور التحفيظ لتعدد المشاغل وصعوبة التنقل، وبهذه الوسيلة يتمكَّنون من التعلم في منازلهم وفي أوقات فراغهم. وكذلك بالنسبة للنساء وربَّات البيوت؛ فبإمكانهن الاستفادة من المقارئ والمدارس الإلكترونية على شبكة الإنترنت دون الحاجة إلى الخروج من بيوتهن.
شروط إقراء القرآن الكريم :
نحن نرى إقبال الأمة على كتاب ربها في شتى بلاد المسلمين، عناية بتلاوته وحفظه من الكبار والصغار. وفي غمرة هذه العودة إلى القرآن العظيم تصدَّر لإقراء القرآن من ليسوا أهلاً لذلك بسبب ضعفهم في التلَقِّي المنطوق أو بعض التلَقِّي المكتوب. لذا كان على المتصدِّرين لإقراء القرآن الكريم الاتصافُ بأوصاف لا غِنَى عنها حال إقرائهم لكتاب الله تعالى، والتي يمكن أن نسميها بـ(شروط الإقراء)، وهي:
1- الإخلاص لله سبحانه وتعالى، وهو أول وأهم شرط في الإقراء وفي غيره من الأعمال، إذ إن إقراءَ القرآن الكريم وتعليمَه عبادةٌ لله -تعالى- يُشترط لها إخلاص النية له -سبحانه وتعالى-.
2- أن يَتلقَّى القرآنَ الكريمَ من أفواه المشايخ المتقنين المسندين، وهذا هو السبيل الوحيد لإتقان تلاوة القرآن الكريم.
3- أن يكون أمينًا؛ فلا يُقرِئُ إلا بما قرأَ أو سَمِعَ، ولا يُقدِّم رأْيَه أو وجهَ إعرابٍ أو لُغةٍ على روايةٍ.
4- أن يكون عارفًا بأحكام التجويد والوقف والابتداء، ويُفضَّل له أن يكون مُطَّلعاً على علم رسم المصحف وضبطه، وعِلْمِ عدِّ الآي.
5- أن يكون ضابطًا (أي حافظًا لكتابٍ شاملٍ لما يُقرِئُ به من القراءات أصولاً وفرشًا)، ويدخل في ضبط المقرئ أيضاً معرفته وتحصيله للعلوم الشرعية والعربية.
6- أن يكون خاليًا من أسباب الفسق ومُسقطات المروءة، وأسباب الفسق هي المجاهرة بارتكاب الكبائر والإصرار على الصغائر. يقول الإمام مكيُّ بنُ أبي طالب القيسيُّ : "يجب على طالبِ القرآن أن يتخيَّر لقراءته ونَقلِه وضَبطِه أهلَ الدِّيانة والصِّيانة والفَهم في علوم القرآن، والنَّفاذِ في علم العربية والتجويد بحكاية ألفاظِ القرآن وصِحَّة النقل عن الأئمة المشهورين بالعلم، فإذا اجتمع للمقرئ صحَّة الدِّين، والسَّلامة في النقل والفَهم في علوم القرآن، والنفاذ في علوم العربية والتجويد بحكاية ألفاظ القرآن؛ كَمُلَت حالُه، ووجبت إمامته" اهـ.
أركان التعليم القرآني في المقرأة الإلكترونية:
يقوم التعليم القرآني في المقرأة الإلكترونية على أربعة أركان، هي :
1- المُعلِّم (المُقرِئ). وهو الذي تلَقَّى قراءة القرآن الكريم بإحدى رواياته المتواترة وأُجيزَ بالإقراء والتعليم.
2- المُتعلِّم (الطالب). وهو الذي يتلقى العلمَ من مُعلِّمه من خلال وسيطٍ إلكتروني.
3- المنهاج. ويقصد به ما يتِمُّ دراسته في المقرأة الإلكترونية من علوم، ومنها :
- القرآن الكريم -تلاوةً وحفظاً وتجويدًا-.
- دراسة وقراءة الروايات القرآنية المشهورة.
- دراسة شرح المتون العلمية في التجويد والقراءات -كالجزرية والشاطبية-.
4- بيئة الإقراء. وتتكون من:
- التجهيزات المادية. وتتكون من جهاز حاسوب مُجهَّز بالتوصيلات اللازمة لدى المعلم والمتعلم، واتصال بشبكة الإنترنت بسرعة مناسبة لنقل الصوت والصورة بشكل واضح ومطابق للواقع.
- التجهيزات البرمجية. وتتمثل في وجود برنامج الاتصال الصوتي والمرئي المباشر.
ضوابط إقراء القرآن الكريم عبر المقارئ الإلكترونية على شبكة الإنترنت:
أولاً- ضوابط بيئة الإقراء (وسيلة الاتصال):
1- أنْ يكون الصوت على درجة عالية من الوضوح؛ بحيث يَسمع الشيخُ الهمسَ والرخاوةَ والتفخيمَ والترقيقَ والتسهيلَ والرَّوْمَ والنَّبْرَ والغُنةَ في أحكامِها المُختلفة، مع قُدرةِ الدارس على استيعاب الملاحظات مِن الشيخ في هذه الدقائق وغيرها.
2- أنْ يتأكَّدَ الشيخُ المُجيزُ أنَّ هذا الدارسَ هو الذي أَكمَلَ معه الختمةَ في مَجالِسِها المختلفةِ. وذلك في حالات عدم وُجود رؤيةٍ مُباشِرةٍ بين الطرفَينِ.
3- في حال الاتصال المَرئيِّ يجِبُ أنْ يَتزامَنَ ويَتطابَقَ نُطقُ الحروفِ والكلماتِ مع شَكْلِ الشفَتَينِ قِراءةً ووَقْفًا.
4- أنْ تَكون سُرعةُ الاتصال بشبكة الإنترنت عالِيةً تَسمَحُ بسماع الملاحظات مُباشَرةً عند حُصولِها، وليسَ بعدَ أنْ يَكونَ الدارسُ قد تَجاوَزَ مَحِلَّ المُلاحَظةِ إلى غيرِها.
5- عندما يتغيّر الصوْتُ أو يتقطّعُ بسبب وَسيلةِ نَقْلِ الصوْتِ، أو يَتَضَخَّمُ، أو يَتَباطَأُ، أو يَنقَطعُ جزْءٌ مِن الآيةِ؛ فعَلَى الشيخِ أن يطلب مِن الدارسِ إعادةَ المَقْطَعِ مرّةً أُخرَى.
6- إذا لمْ يستطعِ الدارسُ تمْيِيزَ ملاحظة الشيخِ مع تَكرارِ نُطْقِها وشَرحِها مِن قِبَلِ الشيخِ، وعدم قُدرةِ الدارسِ على نُطقِها بِشَكلٍ صحيحٍ، وكان ذلك بسببِ الوسيلةِ الصوْتيةِ؛ في هذه الحالةِ "تُحصَرُ هذه الملاحظات"، ويُحدَّدُ موعِدٌ للقاء المُباشِرِ بيْن الطَرفَيْنِ لتصحيح جميع الملاحظات.
ثانياً- ضوابط تصحيح التلاوة:
1- يشترط أن يكون المعلِّم متقنًا لقراءة القرآن الكريم، ويُفضَّل أن يكون حافظاً.
2- أن يكون لدى المعلم القدرة على تقويم تلاوة المتعلِّم وتحديد الخطأ وإيصاله بشكل يَفهمُه، ومن ثَمَّ تسجيل الملاحظات لإرسالها للمتعلِّم بعد التلاوة.
3- أن يراعي المعلِّم أحوال الدارسين من ناحية أعمارهم ومستوياتهم في التلاوة، ومعرفتهم باللغة العربية.
ثالثاً- ضوابط شرح قواعد علم التجويد أو المتون:
1- يشترط أن يكون المعلِّم متقنًا لقراءة القرآن الكريم، ويُفضَّل أن يكون حافظًا.
2- أن يكون المعلم ذا دراية تامة بأحكام التجويد، ويُفضَّل أن يكون حاصلاً على سند بإحدى منظومات علم التجويد.
3- أن يكون لدى المعلم المهارات اللازمة للتعليم وإيصال المعلومة للمتلقي.
4- أن يكون لدى المعلم القدرة على تقييم تلاوة المتعلم وتحديد الخطإ وإيصاله بشكل يَفهمُه، ومِنْ ثَمَّ تسجيل الملاحظات على تلاوته لإرسالها للمتعلم بعد التلاوة.
5- أن يُراعي المعلِّم أحوال الدارسين من ناحية أعمارهم ومستوياتهم في التلاوة، ومعرفتهم باللغة العربية.
رابعاً- ضوابط الإقراء برواية واحدة.
1- أن يكون المعلِّمُ حاصلاً على إجازة بالرواية التي يقرئها بسند متصل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
2- التأكُّد من أن الطالب قد حَفِظَ القرآنَ الكريمَ حِفظًا كاملًا مُتقَنًا.
3- أن يكون الطالب حافظًا لمنظومة: "المقدِّمة الجزريَّة" -أو ما يعادلها من منظومات هذا العلم-، فاهمًا لمعانيها.
4- أن يقرأ الطالب على مُعلِّمه بالرواية التي يختارها القرآنَ الكريمَ كاملًا عبر المقرأة الإلكترونية إلا مقدارًا لا يقل عن جزء من القرآن فلا بد فيه من القراءة المباشرة باللقيا بين المعلم والمتعلم. ويضاف إلى ذلك أن يُعيدَ المتعلم أمام مُعلِّمه بعض الأوجه الأدائية التي فيها من الدقائق ما يحتاج إلى ضبطٍ أكثر لنَدرة وروده في القرآن الكريم -كتسهيل الهمزات، وإمالة الألفات، والتفخيم والترقيق في (فِرْقٍ)، والرَّوم والإشمام.. إلخ-.
خامساً- ضوابط الإقراء بالإجازة بالقراءات (السبع أو العشر):
1- أن يكون المعلِّمُ حاصلاً على إجازة بالقراءات السبع أو العشر بسند متصل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
2- أن يكون الطالب حاصلاً على إجازة برواية واحدة على الأقل بسند متصل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
3- أن يكون الطالب حافظًا لمنظومة: "الشاطبية" بالنسبة للقراءات السبع، ولمنظومة: "الدرة" بالنسبة للقراءات المتممة للعشر، أوكليهما معًا بالنسبة للقراءات العشر الصغرى، أو "طيبة النشر" بالنسبة للقراءات العشر الكبرى، وأن يكون عالمًا بمعانيها.
4- أن يقرأ الطالب على معلمه القرآن الكريم كاملًا بإفراد القراءات أو جمعها بالطرق المعروفة، ضمن الضوابط المذكورة في الفقرة رقم (4) من ضوابط الإجازة برواية واحدة.
انتهى ما أردتُ نقلَه من نص القرار، مع بعض التصرف والاختصار.
ضوابط إقراء القرآن الكريم عبر المقارئ الإلكترونية على شبكة الإنترنت
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فإن مسألةَ الإقراءِ عبر الإنترنت هي إحدى المسائل التي حَدَثَتْ وشاعت في الآونة الأخيرة، وهي مسألةٌ دقيقةٌ، ويحتاج معلمُ القرآنِ ومتعلمُه -كلاهما- إلى معرفةِ ما يتعلق بها من أحكام وضوابط.
وقد تكلم علماءُ القراءة في زماننا في هذه المسألة، واجتهدوا في بيان حكمِها ووضعِ الضوابطِ لها. ومما صدر في شأنِها مكتوبًا: فتوى المجلس العلمي بالهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم، وهذا هو نَصُّ الفتوى (بشيء من التصرف والاختصار):
"أقرَّ المجلس العلمي بالهيئة العالمية لتحفيظ القرآن الكريم ضوابطَ إقراءِ القرآن عبر المقارئ الإلكترونية على شبكة الإنترنت، وذلك في اجتماعه المنعقد في جدة بتاريخ 12/ربيع الآخر/1432هـ الموافق 17/مارس/2011م، وقد صدر عن المجلس نصُّ البيان التالي حول الإقراء الإلكتروني :
مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين؛ نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فنعلم جميعاً أننا نعيش في مجتمع عالمي سريع التغير تحيطه تحديات محلية وعالمية، من أهمها التطور التقني، والانفتاح على العالم من خلال شبكات الحاسبات والإنترنت، وهذا بِدَوْرِه يتطلب منا وضعَ الخططِ والضوابطِ لتوظيف هذه التِّقنيات المعاصرة في خدمة تعليم القرآن الكريم وتعلُّمه، واستحداثَ الطرقِ والوسائلِ التي تَمـُدُّنا بآفاق واسعة ومتقدمة تساعد طلابنا على إثراء معلوماتهم وتنمية مهاراتهم، وتقويمَ نتائج التعلُّم على نَحوٍ فعَّالٍ.
والتعليم الإلكتروني: هو طريقة للتعليم باستخدام آليات الاتصال الحديثة من حاسب وشبكاته ووسائطه المتعددة من صوت وصورة، ورسومات، وآليات بحث، ومكتبات إلكترونية، وكذلك بوابات الإنترنت سواءً كان عن بُعد أو في الفصل الدراسي.
وباختصار هو : استخدام التقنية بجميع أنواعها في إيصال المعلومة للمتعلم بأقصر وقت وأقل جهد وأكبر فائدة.
ومن مجالات التعليم الإلكتروني الموجودة على شبكة الإنترنت ما يسمى بـ(الإقراء الإلكتروني).
مفهوم الإقراء الإلكتروني وأهميته
الإقراء الإلكتروني هو عملية تعليم القرآن الكريم عبر وسيط إلكتروني (تقنيات الاتصال بشبكة الإنترنت أو ما يقوم مقامها)، وتشمل عمليةُ التعليمِ تصحيحَ التلاوة، وشرحَ الأحكام التجويدية، ودراسةَ المنظومات في علم التجويد والقراءات -كالجزرية والشاطبية وغيرهما-.
ويُعَدُّ الإقراء الإلكتروني من التقنيات الحديثة والمفيدة في تعليم القرآن الكريم بصورة صحيحة لفئات كثيرة من المسلمين قد يصعب الوصول إليهم لتعليمهم –مثل: الدول الأوربية، والأمريكيتين-، ولا يوجد في بلادهم أساتذة مؤهَّلون يقومون بالتعليم القرآني، وإن وجد الأساتذة فعددهم لا يكفي؛ وذلك لدخول كثير من الناس في الإسلام.
والإقراء الإلكتروني يتيح فرصة تعلُّم القرآن الكريم وحِفْظِه وتجويده لكثير من الناس الذين لا يستطيعون الالتحاق بالحلقات القرآنية في المساجد ودور التحفيظ لتعدد المشاغل وصعوبة التنقل، وبهذه الوسيلة يتمكَّنون من التعلم في منازلهم وفي أوقات فراغهم. وكذلك بالنسبة للنساء وربَّات البيوت؛ فبإمكانهن الاستفادة من المقارئ والمدارس الإلكترونية على شبكة الإنترنت دون الحاجة إلى الخروج من بيوتهن.
شروط إقراء القرآن الكريم
نحن نرى إقبال الأمة على كتاب ربها في شتى بلاد المسلمين، عناية بتلاوته وحفظه من الكبار والصغار. وفي غمرة هذه العودة إلى القرآن العظيم تصدَّر لإقراء القرآن من ليسوا أهلاً لذلك بسبب ضعفهم في التلَقِّي المنطوق أو بعض التلَقِّي المكتوب. لذا كان على المتصدِّرين لإقراء القرآن الكريم الاتصافُ بأوصاف لا غِنَى عنها حال إقرائهم لكتاب الله تعالى، والتي يمكن أن نسميها بـ(شروط الإقراء)، وهي:
1- الإخلاص لله سبحانه وتعالى، وهو أول وأهم شرط في الإقراء وفي غيره من الأعمال، إذ إن إقراءَ القرآن الكريم وتعليمَه عبادةٌ لله -تعالى- يُشترط لها إخلاص النية له -سبحانه وتعالى-.
2- أن يَتلقَّى القرآنَ الكريمَ من أفواه المشايخ المتقنين المسندين، وهذا هو السبيل الوحيد لإتقان تلاوة القرآن الكريم.
3- أن يكون أمينًا؛ فلا يُقرِئُ إلا بما قرأَ أو سَمِعَ، ولا يُقدِّم رأْيَه أو وجهَ إعرابٍ أو لُغةٍ على روايةٍ.
4- أن يكون عارفًا بأحكام التجويد والوقف والابتداء، ويُفضَّل له أن يكون مُطَّلعاً على علم رسم المصحف وضبطه، وعِلْمِ عدِّ الآي.
5- أن يكون ضابطًا (أي حافظًا لكتابٍ شاملٍ لما يُقرِئُ به من القراءات أصولاً وفرشًا)، ويدخل في ضبط المقرئ أيضاً معرفته وتحصيله للعلوم الشرعية والعربية.
6- أن يكون خاليًا من أسباب الفسق ومُسقطات المروءة، وأسباب الفسق هي المجاهرة بارتكاب الكبائر والإصرار على الصغائر. يقول الإمام مكيُّ بنُ أبي طالب القيسيُّ : "يجب على طالبِ القرآن أن يتخيَّر لقراءته ونَقلِه وضَبطِه أهلَ الدِّيانة والصِّيانة والفَهم في علوم القرآن، والنَّفاذِ في علم العربية والتجويد بحكاية ألفاظِ القرآن وصِحَّة النقل عن الأئمة المشهورين بالعلم، فإذا اجتمع للمقرئ صحَّة الدِّين، والسَّلامة في النقل والفَهم في علوم القرآن، والنفاذ في علوم العربية والتجويد بحكاية ألفاظ القرآن؛ كَمُلَت حالُه، ووجبت إمامته" اهـ.
أركان التعليم القرآني في المقرأة الإلكترونية
يقوم التعليم القرآني في المقرأة الإلكترونية على أربعة أركان، هي :
1- المُعلِّم (المُقرِئ). وهو الذي تلَقَّى قراءة القرآن الكريم بإحدى رواياته المتواترة وأُجيزَ بالإقراء والتعليم.
2- المُتعلِّم (الطالب). وهو الذي يتلقى العلمَ من مُعلِّمه من خلال وسيطٍ إلكتروني.
3- المنهاج. ويقصد به ما يتِمُّ دراسته في المقرأة الإلكترونية من علوم، ومنها :
- القرآن الكريم -تلاوةً وحفظاً وتجويدًا-.
- دراسة وقراءة الروايات القرآنية المشهورة.
- دراسة شرح المتون العلمية في التجويد والقراءات -كالجزرية والشاطبية-.
4- بيئة الإقراء. وتتكون من:
- التجهيزات المادية. وتتكون من جهاز حاسوب مُجهَّز بالتوصيلات اللازمة لدى المعلم والمتعلم، واتصال بشبكة الإنترنت بسرعة مناسبة لنقل الصوت والصورة بشكل واضح ومطابق للواقع.
- التجهيزات البرمجية. وتتمثل في وجود برنامج الاتصال الصوتي والمرئي المباشر.
ضوابط إقراء القرآن الكريم عبر المقارئ الإلكترونية على شبكة الإنترنت
أولاً- ضوابط بيئة الإقراء (وسيلة الاتصال):
1- أنْ يكون الصوت على درجة عالية من الوضوح؛ بحيث يَسمع الشيخُ الهمسَ والرخاوةَ والتفخيمَ والترقيقَ والتسهيلَ والرَّوْمَ والنَّبْرَ والغُنةَ في أحكامِها المُختلفة، مع قُدرةِ الدارس على استيعاب الملاحظات مِن الشيخ في هذه الدقائق وغيرها.
2- أنْ يتأكَّدَ الشيخُ المُجيزُ أنَّ هذا الدارسَ هو الذي أَكمَلَ معه الختمةَ في مَجالِسِها المختلفةِ. وذلك في حالات عدم وُجود رؤيةٍ مُباشِرةٍ بين الطرفَينِ.
3- في حال الاتصال المَرئيِّ يجِبُ أنْ يَتزامَنَ ويَتطابَقَ نُطقُ الحروفِ والكلماتِ مع شَكْلِ الشفَتَينِ قِراءةً ووَقْفًا.
4- أنْ تَكون سُرعةُ الاتصال بشبكة الإنترنت عالِيةً تَسمَحُ بسماع الملاحظات مُباشَرةً عند حُصولِها، وليسَ بعدَ أنْ يَكونَ الدارسُ قد تَجاوَزَ مَحِلَّ المُلاحَظةِ إلى غيرِها.
5- عندما يتغيّر الصوْتُ أو يتقطّعُ بسبب وَسيلةِ نَقْلِ الصوْتِ، أو يَتَضَخَّمُ، أو يَتَباطَأُ، أو يَنقَطعُ جزْءٌ مِن الآيةِ؛ فعَلَى الشيخِ أن يطلب مِن الدارسِ إعادةَ المَقْطَعِ مرّةً أُخرَى.
6- إذا لمْ يستطعِ الدارسُ تمْيِيزَ ملاحظة الشيخِ مع تَكرارِ نُطْقِها وشَرحِها مِن قِبَلِ الشيخِ، وعدم قُدرةِ الدارسِ على نُطقِها بِشَكلٍ صحيحٍ، وكان ذلك بسببِ الوسيلةِ الصوْتيةِ؛ في هذه الحالةِ "تُحصَرُ هذه الملاحظات"، ويُحدَّدُ موعِدٌ للقاء المُباشِرِ بيْن الطَرفَيْنِ لتصحيح جميع الملاحظات.
ثانياً- ضوابط تصحيح التلاوة:
1- يشترط أن يكون المعلِّم متقنًا لقراءة القرآن الكريم، ويُفضَّل أن يكون حافظاً.
2- أن يكون لدى المعلم القدرة على تقويم تلاوة المتعلِّم وتحديد الخطأ وإيصاله بشكل يَفهمُه، ومن ثَمَّ تسجيل الملاحظات لإرسالها للمتعلِّم بعد التلاوة.
3- أن يراعي المعلِّم أحوال الدارسين من ناحية أعمارهم ومستوياتهم في التلاوة، ومعرفتهم باللغة العربية.
ثالثاً- ضوابط شرح قواعد علم التجويد أو المتون:
1- يشترط أن يكون المعلِّم متقنًا لقراءة القرآن الكريم، ويُفضَّل أن يكون حافظًا.
2- أن يكون المعلم ذا دراية تامة بأحكام التجويد، ويُفضَّل أن يكون حاصلاً على سند بإحدى منظومات علم التجويد.
3- أن يكون لدى المعلم المهارات اللازمة للتعليم وإيصال المعلومة للمتلقي.
4- أن يكون لدى المعلم القدرة على تقييم تلاوة المتعلم وتحديد الخطإ وإيصاله بشكل يَفهمُه، ومِنْ ثَمَّ تسجيل الملاحظات على تلاوته لإرسالها للمتعلم بعد التلاوة.
5- أن يُراعي المعلِّم أحوال الدارسين من ناحية أعمارهم ومستوياتهم في التلاوة، ومعرفتهم باللغة العربية.
رابعاً- ضوابط الإقراء برواية واحدة:
1- أن يكون المعلِّمُ حاصلاً على إجازة بالرواية التي يقرئها بسند متصل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
2- التأكُّد من أن الطالب قد حَفِظَ القرآنَ الكريمَ حِفظًا كاملًا مُتقَنًا.
3- أن يكون الطالب حافظًا لمنظومة: "المقدِّمة الجزريَّة" -أو ما يعادلها من منظومات هذا العلم-، فاهمًا لمعانيها.
4- أن يقرأ الطالب على مُعلِّمه بالرواية التي يختارها القرآنَ الكريمَ كاملًا عبر المقرأة الإلكترونية إلا مقدارًا لا يقل عن جزء من القرآن فلا بد فيه من القراءة المباشرة باللقيا بين المعلم والمتعلم. ويضاف إلى ذلك أن يُعيدَ المتعلم أمام مُعلِّمه بعض الأوجه الأدائية التي فيها من الدقائق ما يحتاج إلى ضبطٍ أكثر لنَدرة وروده في القرآن الكريم -كتسهيل الهمزات، وإمالة الألفات، والتفخيم والترقيق في (فِرْقٍ)، والرَّوم والإشمام.. إلخ-.
خامساً- ضوابط الإقراء بالإجازة بالقراءات (السبع أو العشر):
1- أن يكون المعلِّمُ حاصلاً على إجازة بالقراءات السبع أو العشر بسند متصل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
2- أن يكون الطالب حاصلاً على إجازة برواية واحدة على الأقل بسند متصل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
3- أن يكون الطالب حافظًا لمنظومة: "الشاطبية" بالنسبة للقراءات السبع، ولمنظومة: "الدرة" بالنسبة للقراءات المتممة للعشر، أوكليهما معًا بالنسبة للقراءات العشر الصغرى، أو "طيبة النشر" بالنسبة للقراءات العشر الكبرى، وأن يكون عالمًا بمعانيها.
4- أن يقرأ الطالب على معلمه القرآن الكريم كاملًا بإفراد القراءات أو جمعها بالطرق المعروفة، ضمن الضوابط المذكورة في الفقرة رقم (4) من ضوابط الإجازة برواية واحدة...". انتهى المراد من القرار.
وثَمَّة أمور تتعلق بهذه المسألة أحب أن أبينها:
أولا- الأصل في الإقراء هو أن يكون مباشرةً وجها لوجه. والقراءةُ عبر الإنترنت إنما هي وسيلة بديلة عن الإقراء المباشر، وعليه؛ فلا يُصار إليها إلا عند عَدم تَيَسُّره بعد بذل الجهد في تحصيله.
ثانيا- الشروط والضوابط التي ذُكرت في الفتوى تنطبق على مقام الإقراء (أي على مقام الرواية)، وهو -كما نعلم- يُشترط فيه ما لا يُشترط في التحفيظ العاديّ من الضبط والإتقان وغير ذلك من الصفاتِ الواجبِ وجودُها في الشيخ والطالب، ويُحتاطُ في شأنِه، ولا يجوز فيه التساهل. وأما التحفيظ العادي فأمرُه أوسع مِن أمر الإقراء.
كتبه
علي المالكي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.